كتب الأستاذ المصطفي بن محمدن العالم


توضيح وقبول اعتذار


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين،
وبعد فقد وصلتني ضحوة يوم 12/5/ 2020. رسالة من أستاذنا وابن مشائخنا ودوحةِ علمنا: المصطفى ولد حبيب ولد متالي شيخ محظرة أهل متالي، حفظهم الله جميعا ورعاهم  ومتعنا بهم وأدام عزهم ونصرهم، ذكر فيه أنه رأى تعليقا كتبته على تدوينة للأستاذ الباحث المؤرخ المدقق المعروف باسمXouldY وأن في التعليق المذكور أربعة أمور غير صحيحة في نظره.
 وفي ليلة 13/05/2020  وصلني منه اعتذار وتراجع ذكر فيه أنه يتفق معي في كل ما كتبته تقريبا باستثناء مسألتين رئسيتين، ومسألة ثالثة ثانوية.
 فقبلت هذا الاعتذار وتذكرت وأنشدت قول علامة عصره ومصره القاضي محنض بابه بن اعبيد: 
"ليس من أخطأ الصواب بمخط :: إن يؤب لا ولا عليه ملامه".
 فبقي علي أن أوضح للقراء موقفي من تعقيبه على المسألتين الباقيتين، والمسألة الثالثة الثانوية، فقلت وبالله استعنت،
 إن المسألة الأولى، هي: وجود تنافس بين مجموعتي: إدگفوديه واركاكنه، على زعامة تندغة الغربية، وهنا أشير إلى أن أستاذنا كان أمينا وموضوعيا وواقعيا حين قال بعد أن نفى وجود منافسة بين الطرفين، ما نصه: "ولم نعلم بأي قضية في أي مجال وقع فيها بين المجموعتين تنافس يُذكر". فقد أشار هنا إلى وجود تنافس لا يستحق الذكر في نظره، وهو كما قال في بداية الأمر قبل أن تتطور الأمور لاحقا كما أشرتُ إلى ذلك في التعليق السابق. 
وهناك أمر ذكره أستاذنا في هذه المسألة  يتعلق بالنسب ولي عودة إليه في مختم هذا التعليق إن شاء الله.
المسألة الثانية: أن أستاذنا فهم من سردي لمسألة ابن السالم أنها لم تنته مما جعله يبين أنها انتهت بحكم القاضي محنض بابه وقبول الطرفين به وتنازل أولياء الدم عن القصاص وقبولهم بالدية المغلظة.
وهنا أذكر أني وقفت على ما وقف عليه أستاذنا مما نشره فضيلة القاضي وفاجأني كما فاجأه، فكان ذلك من جملة أسباب كتابتي للتعليق، وقبل كتابتي له طلبت من الأستاذ حيمده ول انجبنان أن يسعفني بشيء مكتوب في هذه المسألة فلم يفعل، فكتبت ما كتبت وفصلت فيما أعتقد أن لدي فيه شبه إحاطة، وأجملتُ فيما ليست لدي فيه معرفة تامة، ومنه مسألة ابن السالم، فجاء أستاذنا ففصل فيها وفي غيرها وأجاد في ذلك وأفاد ما شاء الله لا قوة إلا بالله بارك فينا وفيه. 
المسألة الثالثة: كيفية ارتباط لمرابط بن متالي بنصرة سيد احمد، حيث ذكر أستاذنا أن لمرابط أعرض عن سيد احمد، فأشار إليه أحد الحاضرين  بالنزول في حي لمرابط والقدوم بأهله ومن فيهم من الجرحى فيكون بذلك داخلا عليه محتميا به.
 وجوابي عن هذا بثلاثة أمور، 
الأمر الأول: أني لا أظن أن لمرابط، وسيد احمد بهذه الدرجة من البساطة بحيث يَعرض الأولُ عن شخص، ثم يفتات عليه فرد من الحاضرين لم يُسَمّ، ويذهب الثاني ويتصرف على أساس هذا الافتيات وتسير الأمور هكذا.
الأمر الثاني: أن حالة الاحتماء تكون عادة من الجاني ضد المجني عليه، وحالة سيد احمد وأبنائه وأبناء إخوته وقت قدومه على لمرابط  ليست حالة الجُناة، بل هي حالة المجني عليهم، فالتعبير عن حاله في ذلك الوقت بالمسترشد، أو المستعين على أخذ حقه، أولى ـ في نظري ـ من التعبير عنه بالداخل والمُحتمي. 
الأمر الثالث: أن الذي تقليناه بالتواتر عن أسلافنا أن لمرابط بن متالي قال لسيدي أحمد بالحرف الواحد: (انْزِلِ افْذِي الْبَرْزَهْ انْدَاوِيلَكْ جَرْحَاكْ وِنْسَاعْدَكْ فِكْبِيظْ حَقَّكْ). 
وهذا هو الذي ينسجم ـ في نظري ـ مع ما تلا هذه الخطوة من مجريات الأمور، ولا يخفى على أستاذنا أن الرواية التي ذَكَر فيها إجمال، والرواية التي ذكرتُ فيها تفصيل، وأن حمل المجمل على المفصل هو المعمول به أصوليا وليس العكس،  وأنا لا أنكر ولا أكذب صدور إعراض في أول الأمر من لمرابط، وإنما أنكر ـ إنكارا عقليا فقط ـ قبولَ لمرابط للافتيات عليه في مثل هذا الأمر من فرد من الحاضرين لم يُسَمَّ، واعتمادَ سيد احمد على مجرد ذلك الافتيات، مع أني أعتقد أن الجمع بين الروايتين ممكن دون أدنى تعسف أو تكلف، وهو أن يكون لمرابط صدر منه إعراض أو توقف في بداية الأمر وقال أحد الحاضرين ما قال، ثم قال لمربط لسيد احمد فيما بعدُ: (انْزِلِ افْذِي الْبَرْزَهْ انْدَاوِيلَكْ جَرْحَاكْ وِنْسَاعْدَكْ فِكْبِيظْ حَقَّكْ).
وأما مسألة النسب التي أشرتُ إليها فإن أستاذنا ذكر أن المجموعة الوحيدة في تندغة الغربيين التي تنتمي إلى تندغة بالنسب والأصل اتفاقا هي مجموعة تندغة البيض المتألفة من إشكانن وأهل ابيجة وأهل اعمرنَلَّ وأهل سيد المـﮊضف.
وجوابي عن هذا أن الذي عليه الاتفاق هو أن هذه المجموعات التي ذَكر بالإضافة إلى حلة الأربعين جوادا، تجتمع في النسب عند "اكر" بن عبد الله بن مهنض بن"تندغ.
 وأما المالكية فلا تجتمع معهم في النسب إلا عند الجد الجامع: "تندغ"، كما لا تجتمع جميعُ فصائلها إلا عند مالك الأكبر بن تندغ، وإن كان جُل الموجود منها اليوم يجتمع عند مالك الأصغر بن موسى بن بهن بن مالك الأكبر بن تندغ. 
والمالكية من نشأتها في أوائل القرن السادس الهجري إلى ما بعد نهاية القرن الرابع عشرالهجري، لم ينسبها أحدٌ منها إلا إلى النسب التندغي. وعدم شذوذ فرد واحد منها بها عن هذا النسب طيلة هذه القرون التسعة، يجعله من باب نقل الكافة عن الكافة، وهو أقوى من التواتر عند العلماء، مع أن التواتر ولو من الكفار يحصل به القطع، قال العلامة سيدي عبد الله بن الحاج ابراهيم في مراقي السعود:
واقطع بصدق خبر التواتر ::   وســوِّ بين مسلم وكافر.
هذا بالإضافة إلى أن علماء تندغة بشِقَّيْها النسبي والتعصبي، كغيرهم من علماء البلد، تواطؤوا نظما ونثرا على القول بصحة هذا النسب، ومن ذلك  ما ورد في تقاريظهم النثرية والنظمية لمؤلفات علمائنا ونسابينا قديما وحديثا، ومنهم: محمد عبد الله بن البشير، وعمي المصطفى بن العالم والمختار السالم بن علي (الغطمطم) والمختار بن الواثق ـ رحمهم الله ـ ومحمدن بن سلمة أطال الله بقاءه.
 فمن علماء الحلة العلامة النسابة الشيخ : محمدن بن أحمدْ بن محمذن فال بن أحمدو فال، والعلامة النسابة المصطفى بن الشيخ أحمدو بن الشيخ محمدو بن حبيب الرحمان، والإمام العلامة بداه بن البوصيري، والإمام أحمدو بن لمرابط، والإمام محمد محمود بن أحمد يور بن الرباني، والعبقري الباحث الحفظة: محمد الحافظ بن أحمدو، ومن علماء إدگفودي العلامة النسابة اگليگم بن محمدو بن حبيب بن لمرابط بن متالي، وابن عمه أحمدو بن حبيب، ونافع وأحمدو ابنا حبيب بن الزايد، والسيد بن مالكيف، وألمين بن العيدي، والقاضي انَّ بن الصفي، ومن علماء تشمش العلامة النسابة المؤرخ المختار بن حامدٌ، والقاضي سيدي بن ابامين، ومحمذن فال بن محمد سالم بن ألما، وأحمدو بن اتاه بن حمينَّ، والراجل بن أحمد سالم، وكراي بن أحمد يور، وحمدا بن اتاه،  ومحمد بن أحمد مسكه، ومحمد الحسن بن أحمدو الخديم، ومحمد بن ألفغ اعمر، والشريف القاضي (ابين) المصطفى بن ببان، ومحمد سالم بن عدود، والشريفان الإدريسيان: شيخي العلامة الشيخ محمد مفتاح ابن صالح، والأستاذ الباحث المؤرخ الوزير السابق: محمذن بن باباه، ومن علماء المدلش اباه بن محمد عالي بن نعم، ومن علماء إدو الحاج المختار بن ابلول، ومن علماء إدوعل العالم العلامة  المفتي: اباه بن عبد الله. وها هي كتاباتهم جميعا بأيدينا. 
ومن الأمور التي لا يختلف فيها اثنان ولا تنتطح فيها عنزان، أن معرفة الشخص بنسبه ونسب أبيه وجده، من أبجديات المعرفة، وأن الانتساب لغير الأب ـ مع العلم ـ كبيرة، وأن قبيلة المالكية قبيلة علم ومعرفة واستقامة، وصدق وورع وديانة، بشهادة الأعيان والعيان، فلو كان لها نسب غير النسب التندغي لما جهلته، أو سكتت عنه وتواطأت بأجمعها على اقتراف كبيرة الانتساب لغير الأب طيلة هذه القرون التسعة، ولما تواطأ معها هذا الجمّ الغفير من علماء البلد ونسابيه وعلى رأسهم علماء تندغة بشقيها النسبي والتعصبي، ونحن وإياهم أهلُ مكة وأدرى بشعابها. 
والله ولي التوفيق، وهو الهادي بمنه إلى سواء الطريق. 
انتهى ليلة الخميس 14/05/2020

المصطفي/ بن محمدن/ العالم.

اكتب تعليقاً

أحدث أقدم