ترجمة مميزة عن القطب الرباني  ولي الله العلامة المجتهد فريد عصره ونابغة أترابه شيخ الشيوخ الشخصية العلمية والصوفية والسياسية الأبرز لمرابط   محمذن فال ولد متالي  رحمه الله

ترجمة مميزة عن العلامة لمرابط




العلامة محمذن فال ولد متالي

هو الشيخ الإمام ، العالم الرباني الشهير ، من هو بكل وصف جميل جدير ، نسيج وحده ، وقطب دهره ، وفريد عصره ، وشيخ شيوخه ، الجامع بين الشريعة والحقيقة ، محمذن فال بن متالي ، المالكي الأشعري الشاذلي .
والده يسمى المختار ، وكان مشهورا بالصلاح والكشف ، وغلب عليه اللقب متالي ( بضم الميم وتشديد المثناة فوق وكسر اللام ) ابن محمذن بن أحمد بن أعمر بن أبج بن ييج بن فوديه ، الذي تنسب إليه قبيلة الشيخ " إدكفوديه " ، ينتهي نسبه إلي فوديه الأكبر المشهور باسم " الشريف أبو بزول " .
وأمه تسمى جليت ( بجيم معقودة ولام مشددة مكسورة وتحتانية ساكنة ومثناة فوقية ساكنة ) بنت محمذن بن حابيب بن أحمد بن يحيى بن أبج ، يجتمع نسبها مع والده في الجد الخامس لكل منهما ، ولزواجهما قصة عجيبة .

مولده ونشأته

ولد في السنة الخامسة من القرن الثالث عشر الهجري ( 1205 هـ ) في بلدة تبعد حوالي 70 كلم عن مدينة روصو الحالية ، إلى الغرب منها ، وحجبه أبوه عن الناس مباشرة بعد مولده ، وحرص كل الحرص على أن لا تراه عين بشر ، حتى تمضي عليه ستون يوما ، وذكر العلامة أحمدو بن حبيب الرحمن في ترجمته له ، أنه لما عرض على المراضع ، لم يقبل منهن بعد أمه سوى اثنتين فقط هما خديجة بنت عبد الله وأخرى تسمى سعدى .
مات والده وهو في الثالثة من عمره ، وخلف أخاه أنجبنان حملا في بطن أمه ، وعندئذ بقي في كفالة الوالدة ، فنشأ يتيما فقيرا لا حيلة له ، لكن العناية الإلهية أحاطت به وبأسرته ، فكان الرزق يأتي إلى البيت الذي هو فيه بغير حساب ، ويحل به بدون مشقة تعاطي الأسباب ، وخوارقه - نفعنا الله به - في مرحلة الطفولة مستفيضة استفاضة الخبر المتواتر ، يلخصها تلميذه وابن أخيه حيمد ابن أنجبنان ( ت 1329 هـ ) ، ناظم الجنان العالية في السيرة المتالية بقوله :

فكان في صــــباه ما في البر 🔴 والبحر ياتـــيه بأمر الـبر
فكان يعطـي الأهل حوت البحر 🔵 يقــطر ماء بل وما كالـتمر
فكان من فضـــل الإله جل ا ⚫ يلفي الطــعام أينمــا تولى
وبدل الله لهم أشــــــياء ا 🔴 بما من الرزق لهم قــد شاء ا
فلتذكرن ظرفين ملــــحا كانا 🔵 ببيتـــهم قد مكـثا أزمانا
فجاء ما في أحد الظــــرفين ⚫ زرعا وما في غـــيره عنزين
وبعر المعز ببيضــــاء الذره 🔴 تبديله للشـيخ من ذاك اذكره
واذكر سكيكينا له يــوم الرحيل 🔵 تنسى وتاتي إن بكى بعد النزول
وكان أهل الــــحي يجأرونا ⚫ إليه في المـحل ويمـــطرونا
وكانت ايضا أحرف الــهجائية 🔴 مع شكلــها إذن إليه جائية
وكان أيضا حــــافظ القرآن 🔵 إذن بلا معلــــم الصبيان

تعلمه واشياخه :

تعلم مبادئ القراءة والكتابة وهو صغير وحفظ القرآن وهو كذلك . وعلى الرغم من أنه لم يكن له شيخ يعرف ، أخذ عنه في الظاهر ، إلا أن الب بن محمذن بن زين ، يذكر في دراسة له حول شخصيته ، أن هناك شيخا أو اثنين ربطته بهما علاقة تعلم ما ، ولو قليلة مثل :
- المؤيد بن مصيوب الكمليلي ، الذي ذهب إليه ليلتحق بمحظرته ، فأراد أن يبدأ بمتن الآجرومية ، لكن الشيخ لم يعبأ به كثيرا ، وقدم عليه غيره من التلاميذ في الإقراء ، فتبرم ابن متالي من ذلك وضاق به ذرعا ، وأثر في نفسه تأثيرا بالغا ، ثم مضى وترك محظرته ، ولما فتح الله عليه بعيد ذلك بقليل ، عاد إلى أهله فشاع أمره وذاع خبره ، وأقبلت إليه الخلائق جماعات ووحدانا ، حتى أن الشيخ السالف الذكر ، صار في جملة الوافدين إليه للأخذ عنه .
- أحمد بن العاقل التونكلي [ ت 1244 ] ، يذكر أنه اتصل به وأنه زوده ببعض الكتب النادرة الوجود آنذاك
وتكاد الروايات تطبق على أنه فتح الله عليه دفعة ، خلال نومة طويلة نامها ، فاستيقظ وقد تشبع قلبه نورا وفهما ، وعلمه الباري من لدنه علما ، وأصبحت جميع العلوم الشرعية طوع بنانه ، ولسانه ، كعلم التوحيد ، وعلوم القرآن وتفسيره ، والحديث وشروحه ، وعلمي الأصول والفروع ، والنحو واللغة ، والمنطق والبيان ، والتاريخ والسيرة ، وحتى الطب ، بالإضافة إلى التصوف على منهاج السلف ، الذي أصبح يشكل بفضل جهوده مدرسة متميزة ، كانت من أهم روافد التصوف السني في منطقة القبلة ، وهو في هذه المرحلة ، يبدو أنه في مرحلة مبكرة من عمره ، يقول حيمد بن أنجبنان في الجنان العالية :

تلك المراتب لها حال الصــغر 🔴 حاز فجاز الغير كيف في الكبر
فمن عجيب أمره حــال الكبر 🔵 منه وذا في عامه الثاني عـشر
أن كان في العلم والاستــقامه ⚫ ليس يبارى نعمت الكرامــه

فاستفاض خبره ، وانتشر صيته ، وصار عبرة لمن يعتبر ، وعجبا لمن يتدبر ، وانتظمت الخلائق ، ترجو بركة دعائه انتظاما ، وازدحم طلبة العلم حول محلته ازدحاما ، ذكر بعض الباحثين أنهم يقدرون بستمائة أو يزيدون

محظرته وتلامذته :


كانت المهنة الوحيدة التي هيمنت على حياة الشيخ ابن متالي وأخذت بمجامع قلبه ، هي مهنة التدريس ، شغف بتلك المهنة وهو شاب يافع ، وأولع بها وهو كهل وشيخ ، حيث وظف معظم عمره البالغ 82 عاما ، يلقن العلوم الشرعية بكل فروعها تلقينا ، ويتفنن في نشرها تأليفا وتدوينا ، ولم يكن يريد من الدنيا أكثر من هذا ، يقول حيمد بن أنجبنان في السيرة المتالية :

وما رأيناه من الدنيا يحب 🔴 سوى البنين والتلامي والكتب

وقد جسد هذا التوجه بتأسيس محظرته الكبيرة ، التي يعود إليها الفضل في نشر العلم والمعرفة ، خلال القرن الثالث عشر الهجري في ربوع البلاد عموما ، ومنطقة القبلة خصوصا .
وعلى يديه تخرج من هذه المحظرة ، نبغة علماء مشهورون ، قاموا بنشر المعارف الإسلامية ، ونهجوا نهجه ، وسلكوا سبيله ، في الورع ، والزهد ، والتواضع ، والخمول ، وعدم حب الظهور ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد ليوم النشور ، من أشهرهم :
ابن أخيه وناظم سيرته : حيمد بن أنجبنان [ ت 1329 هـ ] ، المختار بن ألما اليدالي [ ت 1308 هـ ] ، أوفى بن ألفغ مصر الألفغي [ ت 1300هـ ] ، محمذن فال بن بوفر الحاجي ، وغيرهم .

مكانته العلمية والاجتماعية :


كان بحق مجتهدا متبصرا ، ومرجعا للفتوى والقضاء بدون منازع ، يذكر أنه لم يسأل عن مسألة قط ، إلا أجاب عنها داخل المذهب أو خارجه ، وقد رجع إلى رأيه معاصروه - رغم كثرتهم وحفظهم للنصوص - في النوازل الصعبة والمعقدة ، وقلدوه وسلموا له في ذلك ، لقوة مأخذه وبعد غوره ، كما كانوا يجلونه ويحترمونه ، وينزلونه المنزلة اللائقة به ، بحيث يعرضون عليه مؤلفاتهم قبل نشرها ليجيزها ، كما فعل القاضي ، محنض بابه بن اعبيد ، الديماني [ ت 1277 هـ ] ، والشيخ محمد المامي ، اليقعوبي الباركلي [ ت 1284هـ ] ، ومحمد بن محمد سالم المجلسي [ ت 1303هـ ] ، كما توسلوا بصالح أعماله والتمسوا صالح دعواته ومدحوه ، ومن مستجاد ما قيل في ذلك ، الأبيات الشهيرة المنسوبة للعالم الولي الصالح الجليل : عبد الله بن سيد محمود الحاجي ( ت 1250 هـ ) الذي يذكر أنه - حسب الرواية الشائعة - كوشف بأمره ، ومدحه بها قبل مولده :

الشوق منذ زمان زاد بلبــــالي 🔴 شوقي لأستــاذنا محمـذن فال
العالم الكامل الأديب ســيرتـه 🔴 تقوى المهيـمن غير خـالي البال
في الله لله يمسي وهو منتـــدب 🔴 بعد الــغدو فمن حال إلى حال
بينا كذاك وما في الديـن من خلل 🔵 حتى أنيل مقاما نــــيله عالي
لما أتاني [نسيم ] نحو أرضــكم 🔵 وقد تشـوقها جسمـي وأوصلي
إن العليل إذا ما حام حـومتكم 🔵 يشفى سريعا بإذن الخالـق العالي
أنخت نضو همومي أشـتكي حالي ⚫ إلى الولي التقي محــمذن فـال
بالله عفر لوجــه الله وجهك لي ⚫ جنح الدياجي لحاجي يا ابن متالي

آثاره ومؤلفاته :


مع أن مؤلفاته قد ضاع الكثير منها بسبب اقتحام الفرنسيين لمحلة آل أحمد بن أعمر ( فصيلة الشيخ ) في غارتهم عليهم بآحميم وإحراقهم لكتبهم ، فما زالت منها مجموعة كبيرة موجودة ، تؤكد أن عنايته بالتلقين الشفهي ، لم تجعله يهمل الجانب التأليفي ، بل حظي عنده هو الآخر باهتمام بالغ ، وكانت مؤلفاته تتنوع بتنوع معارفه ، كما كانت شاهدا حيا يحكي طول باعه فى العلوم التي ألف فيها ، ويعكس بعد نظره فيها ، ومن أهمها :

1 - فتح الحق في حقوق الخالق والخلق تحقيق الاستاذ سيدي ولد النونو
2 - مختصر على نمط مختصر ابن عرفة في الفقه
3 - اختصار شرح المواق على مختصر خليل في الفقه
4 - قرة عين النسوان في العقيدة والسيرة والفقه
5 - الظل الممدود في العقيدة موجود
6 - صلاح الآخرة والأولى في علوم القرآن موجود
7 - حكم الهمزة في القرآن في المقرإ موجود
8 - نظم في الأصول وشرحه
9 - تسديد النظر شرح مختصر السنوسي في المنطق موجود
10 - نظم الشهداء في السيرة موجود
11 - نظم الأخلاق في السيرة موجود
12 - الحميل بسعادة المحيا والممات في التوسل موجود
13 - اختصار شهية السماع في كشف القناع في التصوف موجود
14 - سراج العلماء المنقذ من الظلماء في التصوف موجود
15 - كتاب هل جزاء الإحسان إلا الإحسان في التصوف
16 - تبيين المراد بالتصوف في التصوف موجود
17 - وصيته للمسلمين ( في حجم ورقة أو اثنتين ) في التصوف موجود
18 - نظم أسماء الله الحسنى
19 - شافية الأبدان في الطب
20 - نظم الأذكار في الفوائد موجود
21 - مسألة الفلانية في الفقه موجود
22 - النوازل : وهي أجوبة فقهية جمعها بعض تلامذته موجودة
أما المقطوعات ، والأنظام في الأحكام ، والنصائح ، والإرشادات ، فهي كثيرة جدا

وفــــاته :


توفي ، رضي الله عنه وأرضاه ، وهو ساجد في النافلة قبل صلاة العصر من يوم الإثنين ، في شهر ربيع الثاني عام سبعة وثمانين ومائتين وألف هجرية ( 1287هـ ) عن عمر ينقص قليلا عن ثنتين وثمانين سنة . رحمه الله ونفعنا ببركته . آمين
قال في السيرة المتالية :

فقد توفي رحمة الرحمـــــن ⚫ عليه في شــهر ربيع الثاني
لنحو سبع مع ثــــمانين معا 🔴 ألف بعيد مائتـــين لمعا
ولثمانين وكاثنتـــــــين 🔵 عـاش وكان الموت بالإثنين

اكتب تعليقاً

أحدث أقدم