فتح الحق في حقوق الخالق و الخلق للعلامة لمرابط محمذفال بن متالي رحمه الله
تقديم الكتاب
اﳊﻤﺪ ﷲ اﻟﻘﺎﺋﻞ ﰲ ﳏﻜﻢ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻋﲆ ﻟﺴﺎن ﻧﺒﻴﻪ ﺷﻌﻴﺐ عليه السلام (رَبَّنَا ٱفۡتَحۡ بَیۡنَنَا وَبَیۡنَ قَوۡمِنَا بِٱلۡحَقِّ وَأَنتَ خَیۡرُ ٱلۡفَـٰتِحِینَ) [الأعراف: 89] واﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﲆ ﺻﻔﻮة ﻫﺎﺷﻢ محمد صلى الله عليه وسلم ﺳﻴﺪ وﻟﺪ آدم, ﻣﻦ أﻋﻠﻦ اﻧﻄﻼﻗﺔ ﻓﺘﺢ اﻟﺒﻠﺪان وأزال ﻣﻦ اﳉﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺟﻴﻮب اﻟﴩك واﻟﻄﻐﻴﺎن, ﻓﻜﺎن ﺑﺤﻖ ﻗﺎﺋﺪ اﳍﺪاة اﳌﻬﺪﻳﲔ وإﻣﺎم اﻟﺪﻋﺎة واﻟﻔﺎﲢﲔ, أﻣﺎ ﺑﻌﺪ : ﻓﻬﺬه ورﻗﺎت ﻧﺴﻄﺮﻫﺎ ﰲ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻌﻤﻞ اﳌﻤﺘﺎز اﻟﺬي ﺣﱪﺗﻪ أناﻣﻞ اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﻔﺎﺿﻞ ﺳﻴﺪي ﺑﻦ ﳏﻤﺪ ﺳﺎﱂ, ﻣﻦ ﲨﻌﻪ ﰲ اﻟﺴﻴﺎدة واﳌﻜﺎرم ﻣﺮﺗﻔﻊ ﺳﺎﱂ, ﻓﻘﺪ ﺳﻌﻰ ﺟﻬﺪه إﱃ ﲢﻘﻴﻖ درة ﻧﺎدرة ﻣﻦ درر اﻟﱰاث اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻫﻲ ﻛﺘﺎب ﻓﺘﺢ اﳊﻖ ﰲ ﺣﻘﻮق اﳋﺎﻟﻖ واﳋﻠﻖ لمحمذن فال بن متالي , وﺳﻨﻘﺪم ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻧﻘﻄﺘﲔ:
أ- مقدمة التحقيق:
ﻟﻘــﺪ أﺷــﺎد اﳌﺤﻘــﻖ ﰲ ﻓﺎﲢــﺔ ﻣﻘﺪﻣﺘــﻪ ﺑﺄﳘﻴــﺔ ﲢﻘﻴــﻖ اﻟﻜﻨــﻮز اﻟﺜﻘﺎﻓﻴــﺔ ﻣﻌﺘــﱪاً ذﻟــﻚ «قيمة علمية سامية و إحياء للتراث و انتشالا له من الضياع» ﻓﺘﺤﻘﻴــﻖ اﻟﻜﺘــﺐ ﻳﻌــﺪ اﳋﻄــﻮة اﻷوﱃ ﻟﺘﻴﺴﲑ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﱰاﺛﻴﺔ وﻧﴩﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻌـﻢ ﻓﺎﺋـﺪﲥﺎ, وﻳﺘـﻀﺢ ﺑـﲔ اﻟﻌـﺎﳌﲔ رﺟﻌﻬـﺎ وﻓﺎﺋــــﺪﲥﺎ وﺗﻜــــﻮن ﺑﺄيـﺪي اﻟﻨــــﺎس ﰲ ﻣﺘﻨــــﺎول اﳉﻤﻬــــﻮر, ﻓــــﻼ ﲣﺎﻃــــﺐ إﻻ ﺑــــﺄرق ﻋﺒــــﺎرة وﻻ ﲣﻄﺐ إﻻ ﺑﺄﻏﲆ اﻷﺛﲈن واﳌﻬﻮر, ﻓﻨﻔﺾ اﻟﻐﺒﺎر ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﺘﺤﻒ اﻟﺴﻨﻴﺔ ﻣـﺴﺆوﻟﻴﺔ ﻋﻈﻴﻤـﺔ وأﻣﺎﻧــــﺔ ﻛــــﱪى ﰲ أﻋﻨــــﺎق اﻟــــﺬﻳﻦ أوﺗــــﻮا ﻧــــﺼﻴﺒﺎً ﻣــــﻦ اﻟﻌﻠــــﻢ واﳌﻌﺮﻓــــﺔ أو ﻧــــﺎﻟﻮا ﻣــــﻦ اﻟﻜﺘــــﺎب واﳊﻜﻤﺔ, ﺛﻢ ﻳﺄﺧﺬ اﳌﺤﻘﻖ ﰲ ﺗﺒﻴﺎن أﺳﺒﺎب اﺧﺘﻴﺎره ﳍﺬا اﳌﻮﺿﻮع وﻗﺪ أوﺟﺰﻫﺎ ﰲ:
🔴− ﻋﺒﻘﺮﻳــﺔ اﳌﺆﻟــﻒ وﺧــﺼﻮﺻﻴﺘﻪ اﻟﻌﻠﻤﻴــﺔ واﻟــﺼﻮﻓﻴﺔ, ﺗﻠــﻚ اﳋــﺼﻮﺻﻴﺔ اﻟﺘــﻲ ﺗــﺸﺪ اﻟﻘــﺮاء إﱃ ﻣﻄﺎﻟﻌــﺔ ﻧــﺼﻮﺻﻪ, وﺗــﺸﺪﻫﻢ إﱃ اﻟﻌﻜــﻮف ﻋــﲆ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗــﻪ ﻓﻴﻨﻜﺒــﻮن ﻋــﲆ ﺗــﺼﻔﺤﻬﺎ دون ﺗﺄﺷــﲑة وﻻ اﺳــﺘﺌﺬان وﻳﻨــﺴﺎﻗﻮن إﻟﻴﻬــﺎ رﻏــﲈ ﻋــﻦ إرادﲥــﻢ, ﻓﻤﺆﻟﻔــﺎت اﻟــﺸﻴﺦ ﺳــﺎﺑﻘﺎت ﺟﻴـــﺎد ﲢﺘـــﻞ ﻣـــﻦ اﻟـــﱰاث اﻹﺳـــﻼﻣﻲ ﰲ اﻟﺒﻠـــﺪ اﳌﻮرﻳﺘـــاني ذروﺗـــﻪ وﺳـــﻨﺎﻣﻪ, ﻓﻬـــﻲ ﻣﻨـــﻪ ﻣﻜـــﺎن اﻟﺼﺪارة وﻣﺮﻛﺰ اﻟﺪارة, وﻫـﻲ أﻛﺜـﺮ ﻣـﻦ ذﻟـﻚ ﲤﺘـﺎز ﺑﺮﻓﻌـﺔ اﳌـﻀﻤﻮن وروﻋـﺔ اﻷﺳـﻠﻮب ﳑـﺎ ﳚﻌﻠﻬـــﺎ ﺗﻠـــﻮذ ﺑﺎﻷﻓﺌـــﺪة واﻟﻘﻠـــﻮب, وذﻟـــﻚ ﻣـــﺎ ﻛﺘـــﺐ ﳍـــﺎ اﻟـــﺮواج واﻟﻘﺒـــﻮل وﻫﻴـــﺄ ﳍـــﺎ أﺳـــﺒﺎب اﻟﺴﲑورة واﻟﺬﻳﻮع ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﻋﲈد اﳌﻘـﺮرات اﳌﺤﻈﺮﻳـﺔ, وﻣـﺴﺘﺄنس اﻟـﺸﻴﻮخ اﻟـﺸﻨﺎﻗﻄﺔ ﰲ اﻟﻨﻮازل واﻟﻔﺘﻮى, وﰲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ﻳـﴫح اﳌﺤﻘـﻖ ﺑـﺄن ﻛﺘـﺎب فتح الحق ﻳﺘﻨـﺰل ﻣـﻦ ﺑـﲔ اﳌﺆﻟﻔــﺎت اﳌﺘﺘﺎﻟﻴــﺔ ﻣﻨﺰﻟــﺔ اﻟــﺴﻮﻳﺪاء ﻣــﻦ اﻟﻘﻠــﺐ, واﻟﻴﺘﻴﻤــﺔ ﻣــﻦ اﻟﻌﻘــﺪ, ﻓﻬــﻮ ﻛﺘــﺎب ﺟــﺎﻣﻊ ﰲ ﺑﺎﺑــﻪ ﻳــﻀﻢ ﻣــﻦ ﻓﻘــﻪ اﻟﺘــﺼﻮف ﺻــﻔﻮة ﻟﺒﺎﺑــﻪ وﻫــﻮ إﱃ ﺟﺎﻧــﺐ ذﻟــﻚ ﻣــﺮﻫﻢ ﻟﻸﻓﺌــﺪة واﻟﻌﻘــﻮل, وﻣﻌــــﺪن ﻟﻠﻔﻘــــﻪ واﳊــــﺪﻳﺚ واﻷﺻــــﻮل, وإن ﺷــــﺌﺖ ﻗﻠــــﺖ : إﻧــــﻪ ﻣﻮﺳــــﻮﻋﺔ ﻓﻘﻬﻴــــﺔ ﺗــــﻀﻢ ﻓﻘــــﻪ اﳌﻌﺎﻣﻼت إﱃ أدب اﻟﺴﻠﻮك وﺗﻮاﺷﺞ ﺑﲔ أﺣﻜﺎم اﻟﻌﺒﺎدات وﺗﻄﻬـﲑ اﻟﻨﻔـﻮس واﻷﻋـﺮاف, ﻋﺎﻣﻠﺔ ﻋﲆ ﺗﻘﻮﻳﺔ اﳉﺴﻮم واﻷﺑﺪان وﺗﻨﻘﻴﺔ اﻟﺼﺪور ﻣﻦ أوﺳﺎخ اﳉﻴﻮب واﻷردان.
🔵− اﻟﺮﻏﺒــﺔ ﰲ ﺧﺪﻣــﺔ اﻟﻌﻠــﻢ واﻟﻌﻠــﲈء, ﻓــﺎﳌﺤﻘﻖ ﺳــﻌﻰ ﻣــﻦ وراء ﻫــﺬا اﳉﻬــﺪ اﳌﺒــﺎرك إﱃ إﻧﻌـــﺎش ﻓﻘـــﻪ اﻟﺘـــﺼﻮف وإﺣﻴـــﺎء ﻋﻠـــﻮم اﻟـــﺪﻳﻦ ﻣـــﺬﻛﺮا اﻟﻨـــﺎس ﺑـــﲈ ﳞﻤﻬـــﻢ ﻣـــﻦ أﻣـــﺮ دﻳـــﻨﻬﻢ ودﻧﻴﺎﻫﻢ ﻓﺎﲢﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﰲ ﺑﺎب اﳊﻖ ﻓﺘﺤﺎ ﻣﺒﻴﻨﺎ.⚫− اﳊﺮص ﻋﲆ ﻣﻌﺎﴍة اﻟﺼﺎﳊﲔ واﻻﻫﺘﺪاء ﲠﺪﳞﻢ واﻻﻗﺘﺒﺎس ﻣﻦ ﺳﻠﻮﻛﻬﻢ, إذ ﻳﺮﻣﻰ ﻣﻦ وراء ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ إﱃ اﻟﺘﱪك ﺑﺎﻟـﺼﺎﳊﲔ اﻟـﺬﻳﻦ ﻳﻌـﺪ ذﻛـﺮﻫﻢ ﺳـﺒﻴﻼ إﱃ اﺳـﺘﺪرار اﻟﺮﲪـــﺎت واﺳـــﺘﻨﺰال اﻟﱪﻛـــﺎت, ﻓﻘـــﺪ ﻗـــﺎل ﺳـــﻔﻴﺎن ﺑـــﻦ ﻋﻴﻴﻨـــﺔ رحمه الله "بذكر الصالحين تنزل الرحمة" , وﰲ رواﻳﺔ اﻟﱪﻛﺔ, وﻗﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ :
اسرد حديث الصالحين و سمهم ⚫ فبذكرهم تتنزل الرحمات
واحضر مجالسهم تنل بركاتهم ⚫
و قبورهم زرها إذا ما ماتوا
وﰲ اﳊﺪﻳﺚ : {المرء مع من أحب فلينظر أحدكم من يخالل}
ب_التعريف بالمؤلف و الكتاب:
ﻟﻘــــﺪ ﻋﻤــــﻞ اﳌﺤﻘــــﻖ ﻋــــﲆ ﺗﻘــــﺪﻳﻢ ﺗﺮﲨــــﺔ واﻓﻴــــﺔ ﻟﻠﻤﺆﻟــــﻒ, اﻋﺘﻤــــﺪ ﻓﻴﻬــــﺎ ﻋــــﲆ اﳌﺮاﺟــــﻊ اﳌﺘﻮﻓﺮة ﻣﺴﺘﺨﻠﺼﺎ ﻣﻨﻬـﺎ زﺑـﺪة ﺗﻌـﺪ ﻣﻨﻄﻠﻘـﺎ ﻟﻠﺘﻌﺮﻳـﻒ ﲠـﺬا اﻟـﺸﻴﺦ ﻓﻘـﺪ ﺳـﻄﺮ ﻟـﻪ ﺳـﲑة ذاﺗﻴـﺔ ﺗﻌــﺮض ﳌﺨﺘﻠــﻒ أﻃــﻮار ﺣﻴﺎﺗــﻪ وأنــﺸﻄﺘﻪ اﻟﻌﻠﻤﻴــﺔ ﻣﺘﺘﺒﻌــﺔ ﺗﻔﺎﺻــﻴﻞ أياﻣــﻪ ﻣﻨــﺬ أن رأى اﻟﻨــﻮر إﱃ أن ودع اﻟـــﺪﻧﻴﺎ وﻗـــﴣ ﻧﺤﺒـــﻪ, وﻗـــﺪ ﺑـــﺪأ اﳌﺤﻘـــﻖ ﺑﺎﳊـــﺪﻳﺚ ﻋـــﻦ ﻇـــﺮوف اﻟﻨـــﺸﺄة واﳌﻮﻟـــﺪ ﻟﻴـــﺸﻔﻌﻬﺎ ﺑﻤﺮاﺣـــﻞ اﻟﺪراﺳـــﺔ واﻟـــﺘﻌﻠﻢ ﻣـــﺴﺘﻌﺮﺿﺎ ﺟﺎﻧﺒـــﺎ ﻣـــﻦ إﺳـــﻬﺎﻣﺎت اﻟـــﺸﻴﺦ ﰲ اﳉﺎﻧـــب اﳌﻌــﺮﰲ, إذ ﺟﻠــﺲ ﻟﻠﺘــﺪرﻳﺲ ﰲ ﳏﻈﺮﺗــﻪ ﰲ وﻗــﺖ ﻣﺒﻜــﺮ ﳑــﺎ ﺟﻌــﻞ إﺷــﻌﺎﻋﻪ اﻟﺜﻘــﺎﰲ ﻣﺘﻌــﺪدا ﺣﻴــــﺚ ﺷــــﻤﻞ ﳐﺘﻠــــﻒ ﺣﻘــــﻮل اﻟﺜﻘﺎﻓــــﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴــــﺔ اﻹﺳــــﻼﻣﻴﺔ ﻓﻘــــﺪ أﻟــــﻒ ﰲ اﻟﺘــــﺼﻮف وﻋﻠــــﻮم اﻟﻘـــــﺮآن واﳌﻨﻄـــــﻖ واﻟـــــﺴﲑة واﻟﻄـــــﺐ وﻋﻠـــــﻢ اﻟﻜـــــﻼم ﺑﺎﻹﺿـــــﺎﻓﺔ إﱃ ﳎﻤﻮﻋـــــﺔ ﻣـــــﻦ اﻷنظـــــﺎم اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴـــﺔ واﻟﻨـــﻮازل اﻟﻔﻘﻬﻴـــﺔ واﻻﺑﺘﻬـــﺎﻻت اﻟﺪﻳﻨﻴـــﺔ, وﻳﺘـــﻮج اﳌﺤﻘـــﻖ ذﻟـــﻚ ﻛﻠـــﻪ ﺑـــﺬﻛﺮ وﻓـــﺎة اﻟﺸﻴﺦ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﰲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎني ﻣﻦ اﻟﻌﻘـﺪ اﻟﺘﺎﺳـﻊ ﺑﻌـﺪ المائتين واﻷﻟـﻒ {1287ه} , وذﻟـــﻚ ﻣـــﺎ أﺷـــﺎر إﻟﻴـــﻪ أﺣـــﺪ اﻟﻌﻠـــﲈء اﳌﻮرﻳﺘـــﺎﻧﻴﲔ إﺷـــﺎرة ﻃﺮﻳﻔـــﺔ ﻳﻌﺘﻤـــﺪ اﻟﺘﻮرﻳـــﺔ واﻟﺮﻛـــﻮن إﱃ ﺣﺴﺎب اﳉﻤﻞ ﻳﻘﻮل :
إن سيدي ذا الندى و المعالي 🔵 و المزايا "شرفه" ذو الجلال
باعتزال الدنا "وشرف" فضلا 🔵 نجله العاقل الكريم الخلال
ثم بعد البدرين للناس «باد 🔵 شرف» العبقري نجل متالي
وﻗــــﺪ ﻋــــﻮل اﻟﺒﺎﺣــــﺚ ﰲ ﻫــــﺬه اﻟﱰﲨــــﺔ ﻛﺜــــﲑا ﻋــــﲆ ﻣﻨﻈﻮﻣــــﺔ اﳉﻨــــﺎن اﻟﻌﺎﻟﻴــــﺔ ﰲ اﻟــــﺴﲑة اﳌﺘﺎﻟﻴـــﺔ ﳊﻴﻤـــﺪ ﺑـــﻦ أنجبنان اﻟﺘﻨـــﺪﻏﻲ ﺑﻮﺻـــﻒ ﻣﺆﻟﻔﻬـــﺎ أﻛﺜـــﺮ اﳌﱰﲨـــﲔ اﻃﻼﻋـــﺎ ﻋـــﲆ ﺳـــﲑة اﻟﺸﻴﺦ ﻧﻈﺮا ﻟﻠﻘﺮاﺑﺔ وﻗﺮب اﻟﻌﻬﺪ, ﻓﻬﻮ ﺗﻠﻤﻴﺬ اﻟﺸﻴﺦ واﺑﻦ أﺧﻴﻪ. وﰲ ﺗﻘـــﺪﻳﻢ اﳌﺤﻘـــﻖ ﻟﻠﻜﺘـــﺎب ﻳﻨـــﻮه ﻣـــﺮة ﺛﺎﻧﻴـــﺔ ﺑﻤﺆﻟﻔـــﻪ ﻣﺆﻛـــﺪًا أن أﳘﻴـــﺔ ﻫـــﺬا اﳌـــﺼﻨﻒ اﻣﺘﺪت إﻟﻴﻪ ﻣﻦ أﳘﻴﺔ ﺻﺎﺣﺒﻪ, ﻓﻤﻨﺒﺖ اﻟﻌﻴـﺪان ﻻ ﻳﺘﻐـﲑ, وﻃﻴـﺐ اﻟﻜـﺮم ﻣـﻦ ﺣﻴـﺚ ﻳﻌـﴫ, وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﺈن اﻟﻔﻀﻞ ﴎى ﻣـﻦ اﻟﻜﺎﺗـﺐ إﱃ اﻟﻜﺘـﺎب, وﻣـﻦ اﳌﺆﻟـﻒ إﱃ اﳌﺆﻟـﻒ ﻓﺠـﺎء ﻫـﺬا اﳌﻜﺘــﻮب ﺑﻔــﻀﻞ ﷲ ﻗﺎﻣﻮﺳــﺎ ﺟﺎﻣﻌــﺎ ﻟﻔﻘــﻪ اﳌﻌــﺎﻣﻼت وآداب اﻟﺘــﺼﻮف واﻟــﺴﻠﻮك ﺑﺤﻴــﺚ ﻻ ﻳﺴﺘﻐﻨﻲ ﻋﻨﻪ ﲠﺬه اﻟﺮﺑﻮع اﻟﺸﻨﻘﻴﻄﻴﺔ ﻋﺎﱂ وﻻ ﻣﺘﻌﻠﻢ وﻻ ﻣﻠﻚ وﻻ ﳑﻠﻮك, ﻓﻬﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﲢـــﺪدت ﺑـــﻪ ﻟﻠﻔـــﺘﺢ اﻟﺮﺑـــﺎني ﻣﻌﺎﳌـــﻪ واﺗـــﻀﺤﺖ ﺑـــﻪ ﻟﻠﺤـــﻖ اﳌﺒـــﲔ ﻋﻮاﻣﻠـــﻪ, «ويكفيه شرفا أن مرت عليه أصابع الشيخ ودبجته أنامله» .
وﲡﺪر اﻹﺷﺎرة ﻫﻨﺎ إﱃ أن اﻟﻘﺎرئ ﻟﻌﻨﻮان ﻫـﺬا اﻟﻜﺘـﺎب °فتح الحق في حقوق الخالق و الخلق° ﻳﻌﻠﻢ أنه ﻳﺘﻨﺰل ﰲ ﺑﺎب اﻟﺴﻠﻮك واﻟﻌﺒﺎدات إذ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻣﺴﺘﻮﻳﲔ ﻣﻦ اﳊﻘﻮق أﺣـــــﺪﳘﺎ ﻳﺘﻌﻠـــــﻖ ﺑﺎﳋـــــﺎﻟﻖ ﺳـــــﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌـــــﺎﱃ واﻵﺧـــــﺮ ﻳﺘﻌﻠـــــﻖ ﺑـــــﺎﳌﺨﻠﻮق واﻟﻌﻨـــــﻮان ﰲ ﲨﻠﺘـــــﻪ ﺗﺮاﻛﻴــﺐ إﺿــﺎﻓﻴﺔ أوﳍــﺎ •فتح الحق• اﳌﺆﻟــﻒ ﻣــﻦ وﺣــﺪﺗﲔ ﻣﻌﺠﻤﻴﺘــﲔ أوﻻﳘــﺎ : ﻓــﺘﺢ وﻫــﻲ ﻣﺼﺪر ﻓﺘﺢ ﻛﻤﻨﻊ وﻫﻲ ﺿﺪ أﻏﻠﻖ, ﻳﻘﺎل :ﻓﺘﺢ ﻋﻠﻴﻪ أي ﻫﺪاه وأرﺷﺪه وﻓﺘﺢ ﻋﲆ اﻟﻘﺎرئ :
ﻟﻘﻨــﻪ ﻣــﺎ ﻧــﺴﻴﻪ ﻓﻘــﺮأ, واﳊــﻖ ﻣــﻦ أﺳــﲈﺋﻪ ﺗﻌــﺎﱃ , ﻓﻬــﺬا اﻟﱰﻛﻴــﺐ اﻹﺿــﺎﰲ اﻷول ﻣﺒــﲔ ﻋــﻦ ﺟﺎﻧـــﺐ ﻏـــﲑ ﻳـــﺴﲑ ﻣـــﻦ اﻟﻌـــﻮن الإلهي واﻟﺘﻮﻓﻴـــﻖ اﻟﺮﺑـــاني اﳊﺎﺻـــﻞ ﰲ ﺗـــﺄﻟﻴﻒ ﻫـــﺬا اﻟﻜﺘـــﺎب, ﻓﻬــﻮ إذن إﳍــﺎم ﻣــﻦ اﷲ وﻫﺪاﻳــﺔ, وﻓــﺘﺢ ﻣــﻦ اﻟﺒــﺎري وإﻋﺎﻧــﺔ, وﻫــﺬا ﻣــﺎ ﻳﻤــﻨﺢ اﻟﻜﺘــﺎب ﺳــﻨﺪا ﴍﻋﻴـــــﺎ وﻣـــــﺼﺪاﻗﻴﺔ ﻛـــــﱪى, ﳑـــــﺎ ﻳﻐـــــﺮي اﻟﻨـــــﺎس ﺑـــــﺎﳊﺮص ﻋـــــﲆ اﻟﺘﺠـــــﻮال داﺧـــــﻞ أروﻗﺘـــــﻪ, وﻳـــﺸﺪﻫﻢ إﱃ ﺗـــﺼﻔﺢ أورﻗﺘـــﻪ ﻓﺘﻨﺠـــﺬب ﻗﻠـــﻮﲠﻢ إﱃ ﻣـــﺎ ﰲ ﺗـــﻀﺎﻋﻴﻒ ﺻـــﻔﺤﺎﺗﻪ, وﺗﺘـــﴫف أﺑﺼﺎرﻫﻢ ﻧﺤﻮ ﻛﻨﻮز ﻧﻔﺤﺎﺗﻪ.
أﻣــﺎ اﻟﱰﻛﻴــﺐ اﻹﺿــﺎﰲ اﻟﺜــﺎني ﻓﻬــﻮ •حقوق الخالق• وﻗــﺪ رﺑﻄــﺖ ﺑﻴــﻨﻬﲈ أداة اﳉــﺮ •في• اﻟﺘــﻲ ﺟــﺎءت ﻟﺘﺤــﺪد ﳎــﺎل اﻟﻔــﺘﺢ وﺳــﻴﺎﻗﻪ ﻓﻬــﻮ ﻓــﺘﺢ ﻣﺘﻌﻠــﻖ ﺑﻮاﺟﺒــﺎت اﻟﻌﺒــﺪ ﻧﺤــﻮ رﺑــﻪ أوﻻ وواﺟﺒﺎﺗـــﻪ ﻧﺤـــﻮ أﻫﻠـــﻪ وﴎﺑـــﻪ ﺛﺎﻧﻴـــﺎ, وﻗـــﺪ ﻛـــﺸﻒ ﻋـــﻦ اﻟﻮاﺟﺒـــﺎت اﻷوﱃ اﻟﱰﻛﻴـــﺐ •حقوق الخالق• ﻓـــــﺎﳊﻘﻮق ﲨـــــﻊ ﺣـــــﻖ وﻫـــــﻮ ﺿـــــﺪ اﻟﺒﺎﻃـــــﻞ وﻗﻴـــــﻞ : ﻫـــــﻮ اﻟﻨـــــﺼﻴﺐ اﻟﻮاﺟـــــﺐ ﻟﻠﻔـــــﺮد واﳉﲈﻋــﺔ, ﲨﻌــﻪ ﺣﻘــﻮق وﺣﻘــﺎق, وﺣﻘــﻮق ﷲ ﺗﻌــﺎﱃ ﻣﺎﳚــﺐ ﻋﻠﻴﻨــﺎ ﻧﺤــﻮه واﳋــﺎﻟﻖ ﻣــﻦ أﺳــــﲈء اﷲ ﺗﻌــــﺎﱃ وﺻــــﻔﺎﺗﻪ وﻫــــﻮ اﳌﺒــــﺪع ﻟﻠــــﴚء اﳌﺨــــﱰع ﻋــــﲆ ﻏــــﲑ ﻣﺜــــﺎل ﺳــــﺎﺑﻖ, ﻓﺤﻘــــﻮق اﳋﺎﻟﻖ ﺟﺎءت ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ اﻟﺘﻨﺒﻴﻪ إﱃ ﴐورة اﻟﺼﺪور ﻋﻦ ﲨﻠﺔ ﻣـﻦ اﻟﺮﻗـﺎﺋﻖ اﻟـﺼﻮﻓﻴﺔ واﻵداب اﻟـــــﴩﻋﻴﺔ اﻟﻌﻈﻴﻤـــــﺔ اﻟﺘـــــﻲ ﺗﻌـــــﺼﻢ اﳉـــــﻮارح ﻋـــــﻦ اﻟﻌـــــﺼﻴﺎن وﲥﻴـــــﺊ ﳍـــــﺎ أﺳـــــﺒﺎب اﻟﻄﺎﻋـــــﺎت واﻻﻃﻤﺌﻨﺎن ﳏﺪدة ﺑـﺬﻟﻚ ﻣﻬﻤـﺔ اﻹﻧـﺴﺎن ﰲ ﻫـﺬا اﻟﻜـﻮن واﻟﻐﺎﻳـﺔ ﻣـﻦ ﺧﻠﻘـﻪ واﺳـﺘﺨﻼﻓﻪ ﰲ اﻷرض, ﻣﺒﻴﻨـــــﺔ ﻣـــــﺎ ﻋﻠﻴـــــﻪ ﻣـــــﻦ اﻟﺘﻜـــــﺎﻟﻴﻒ اﻟـــــﴩﻋﻴﺔ ﻓـــــﲈ ﻣـــــﻦ ﺟﺎرﺣـــــﺔ ﻟﻺﻧـــــﺴﺎن إﻻ وﻋﻠﻴﻬـــــﺎ وﻇﺎﺋﻒ ﻣﻜﻠﻒ ﺑﺄداﺋﻬﺎ وﺗﻮﻓﻴﺘﻬـﺎ ﻓﻔـﻲ ﺣـﺪﻳﺚ اﻟـﺸﻴﺦ ﻋـﻦ ﺟـﻮارح اﻟﻴـﺪﻳﻦ واﻟـﺮﺟﻠﲔ ذﻛـﺮ ﳎﻤﻮﻋــــﺔ ﻣــــﻦ اﳌﺤﺮﻣــــﺎت ﻋــــﲆ اﻟﻨــــﺴﻖ اﻟﺘــــﺎﱄ : وﳛــــﺮم ﻋــــﲆ اﻟﻴــــﺪﻳﻦ واﻟــــﺮﺟﻠﲔ اﻟﻮﻗــــﻮف ﰲ ﻣﻮاﺿــﻊ اﻟــﺘﻬﻢ واﻟﺮﻳــﺐ, وﳛــﺮم ﻣــﴚ اﳌﺘﻤﻄــﻲ, وﳛــﺮم اﳌــﴚ ﰲ أﺳــﺒﺎب اﳌﻌــﺎﴆ, وﳛــﺮم إﻳﻘﺎد ﴎاج ﰲ دار ﻋﺮس ﳚﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨـﺴﺎء اﻷﺟﺎﻧـﺐ, وﺟـﺎء اﻟﻌﻄـﻒ •و الخلق• ﻣﻜﻤﻼ ﻟﻠﱰﻛﻴﺐ اﻹﺿﺎﰲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻓﺎﻟﻮاو ﻋﺎﻃﻔـﺔ واﳋﻠـﻖ ﻣـﻀﺎف إﱃ ﳏـﺬوف ﻫـﻮ ﺣﻘـﻮق وﻗـــﺪ اﺳـــﺘﻐﻨﻰ ﻋـــﻦ ﺗﻜـــﺮاره ﺑـــﻮروده ﰲ اﻟﱰﻛﻴـــﺐ اﻹﺿـــﺎﰲ اﳌﺘﻘـــﺪم ﻋﻠﻴـــﻪ واﻟﻌﻄـــﻒ ﻛـــﲈ ﻫـــﻮ ﻣﻌــﺮوف إﻧــﲈ ﻳﻜــﻮن ﺑﻨﻴــﺔ ﺗﻜﺮﻳــﺮ اﻟﻌﺎﻣــﻞ, واﳋﻠــﻖ ﻋﻠــﻢ ﻋــﲆ اﻟﺒــﴩ واﻟﻨــﺎس, وﺟــﺎءت ﻫــﺬه اﻟﻜﻠﻤــﺔ ﻟﺘﺤــﺪد اﻟﻨــﻮع اﻟﺜــﺎني ﻣــﻦ اﳊﻘــﻮق اﻟﻮاﺟﺒــﺔ ﻋــﲆ اﻟﻔــﺮد ﲡــﺎه إﺧﻮاﻧــﻪ اﳌــﺆﻣﻨﲔ, وﻫــﻲ ﻋﺒــﺎرة ﻋــﻦ اﻟﻮاﺟﺒــﺎت اﻟــﴩﻋﻴﺔ اﻟﻼزﻣــﺔ ﲡــﺎه اﻵﺧــﺮﻳﻦ ﻛــﱪ اﻟﻮاﻟــﺪﻳﻦ وﺻــﻠﺔ اﻷرﺣــﺎم ورد اﻟــــﺴﻼم وﺗــــﺸﻤﻴﺖ اﻟﻌــــﺎﻃﺲ وإﺟﺎﺑــــﺔ اﻟــــﺪﻋﻮة وﺗــــﺸﻴﻴﻊ اﳉﻨــــﺎزة وﻣﺮاﻋــــﺎة ﺣﻘــــﻮق اﻷوﻻد اﻟﺰوﺟﺔ وﻏﲑ ذﻟـﻚ, ﻓﺎﻹﻧـﺴﺎن ﻣـﺪني ﺑﻄﺒﻌـﻪ ﳛﺘـﺎج إﱃ اﻟﺘﻌـﺎون واﻟﺘﻌﺎﻣـﻞ ﻣـﻊ اﻟﻨـﺎس ﺣﻮﻟـﻪ ﻟــﺬﻟﻚ ﻳﻠﺰﻣــﻪ ﺗﻌﻠــﻢ اﻟﺘﻮﺟﻴﻬــﺎت اﻟﺮﺑﺎﻧﻴــﺔ اﻟــﺼﺎدرة ﰲ ﻫــﺬا اﻟــﺸﺄن ﻛــﻲ ﳞﻠــﻚ ﻣــﻦ ﻫﻠــﻚ ﻋــﻦ ﺑﻴﻨــــﺔ وﳛﻴــــﺎ ﻣــــﻦ ﺣﻴــــﻲ ﻋــــﻦ ﺑﻴﻨــــﺔ, وﰲ ﻫــــﺬا اﻟــــﺼﺪد اﺳــــﺘﻄﺮد اﳌﺆﻟــــﻒ ﻛــــﻞ ﻣــــﺎ ﻟــــﻪ ﺻــــﻠﺔ ﲠــــﺬه اﳊﻘــــﻮق ﻓﺘﺤــــﺪث ﻋــــﻦ آداب اﻟﻌــــﻼج واﻻﺳﺘــــﺸﻔﺎء وآداب اﻟﻠﺒــــﺎس واﻻﺳــــﺘﻄﻌﺎم وآداب اﻟﻨﻮم واﻻﺳﺘﻴﻘﺎظ, وآداب ﻗﻀﺎء اﳊﺎﺟﺔ واﻻﺳﺘﻨﺠﺎء وآداب اﻟﺬﻛﺮ واﻻﺳﺘﻐﻔﺎر, وآداب اﳋﺮوج إﱃ اﳌﺴﺠﺪ واﻟﻮﺿﻮء واﻟﺮؤﻳﺎ وﻏﲑ ذﻟﻚ.
وﻗﺪ ﺗﻮج اﳌﺆﻟﻒ ﻧﺼﻪ ﺑﺨﺎﲤﺔ ﺑﺪﻳﻌﺔ ﲡﻤﻊ ﲨﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺎﻳﻴﺪ اﳌﻔﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﺗﺒـﺪو أدﺧـﻞ ﰲ ﻋﻠﻢ اﻟﻔﻠـﻚ واﳉﻐﺮاﻓﻴـﺎ اﻟﻜﻮﻧﻴـﺔ دون أن ﻧﻨـﺴﻰ اﻟﱰﻛﻴـﺰ ﻋـﲆ ﳊﻈـﺎت اﻟﻌـﴪة وﻣـﺎ ﻳﻨﺠـﻲ ﺑــﺈذن ﷲ ﻣــﻦ ﻋــﺬاب اﻟﻘــﱪ وﻫــﻮل اﳌﻮﻗــﻒ ﺣﻴــﻨﲈ ﺗﺒﻠــﻎ اﻟــﺮوح إﱃ اﳊﻠﻘــﻮم وﺗﺒــﺪأ ﺳــﻜﺮات اﳌــﻮت وﻣﻘــﺪﻣﺎت اﻟــﺪﺧﻮل إﱃ ﻋــﺎﱂ اﻟــﱪزخ واﻟﻘﺒــﻮر ﻧــﺴﺄل ﷲ اﻟﻠﻄــﻒ واﻹﻋﺎﻧــﺔ ﰲ ﲨﻴــﻊ اﻷﺣﻮال وﺣﺎل ﺣﻠﻮل اﻹﻧﺴﺎن ﰲ اﻟﺮﻣﺲ, وﻧﺴﻴﺎﻧﻪ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺄﻟﻒ ﺑﺎﻷﻣﺲ.
وﳛﻖ ﻟﻨﺎ ﰲ ﻫﺬا اﳌﻘـﺎم أن ﻧـﺴﺄل أنفسنا ﻋـﻦ ﻃﺒﻴﻌـﺔ ﻋﻨـﻮان اﻟﻜﺘـﺎب وﻣﻨﻄﻠﻘـﻪ ﻫـﻞ ﻫـﻮ ﻣﻦ وﺿﻊ اﳌﺆﻟﻒ واﻟﺸﻴﺦ أم ﻫﻮ ﻣﻦ وﺿﻊ اﻟﻜﺘﺒﺔ واﻟﻨﺴﺎخ؟
ﻓﻨﻘﻮل : إن ﻫﺬا اﻟﻌﻨﻮان ﻣﺴﺠﻊ وﳏﻜﻢ اﻟﺼﻴﺎﻏﺔ واﻟﺒﻨﺎء ﻓﻬﻮ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺟﺎﻧﺐ ﻣـﻦ إﻋــﺎدة اﻟﻨﻈــﺮ وإﻋــﲈل اﻟﻌﻘــﻞ, وﻣــﻦ اﳉﻬــﺪ واﻻﺟﺘﻬــﺎد ﰲ اﻟﺘﺤﺮﻳــﺮ ﻗــﺪ ﺟﻌﻠﻨــﺎ ﻧــﺮﺟﺢ أن ﻫــﺬا اﻟﻌﻨــــﻮان ﻣــــﻦ وﺿــــﻊ اﻟــــﺸﻴﺦ واﻗﱰاﺣــــﻪ, ﺑــــﻞ رﺑــــﲈ ﺑــــﺬل ﻃﺎﻗﺘــــﻪ ﰲ ﺗــــﺼﻨﻴﻒ ﻋﺒﺎراﺗــــﻪ ورص أﻟﻔﺎﻇﻪ وﺗـﺴﺠﻴﻌﺎﺗﻪ, وأﻛﺜـﺮ ﻣـﻦ ذﻟـﻚ ﻓـﺈن ﻫـﺬا اﻟﻌﻨـﻮان ﺳـﺎﺋﻎ ﻋـﲆ أﻟـﺴﻨﺔ اﻟﻨـﺎس ﰲ ﳐﺘﻠـﻒ اﳌـــﺴﺘﻮﻳﺎت واﻷﺟﻨـــﺎس, ﻓﻬـــﻮ ﻣﻌـــﺮوف ﻟـــﺪى اﻟﻌﺎﻣـــﺔ واﳋﺎﺻـــﺔ ﻓﻘـــﺪ ﴏح اﻟﻌﻼﻣـــﺔ اﻟﻌـــﺪل اﳌﺤﺮر ﳏﻤـﺪ ﻣﻮﻟـﻮد ﺑـﻦ أﲪـﺪ ﻓـﺎل اﻟﻴﻌﻘـﻮﰊ اﳌﻮﺳـﻮي {ت1323} وﻫـﻮ ﻣـﻦ اﳉﻴـﻞ اﻟـﺬي ﻗﻔﻰ ﻋﲆ إﺛﺮ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺒﺎﴍة إن ﱂ ﻳﻜـﻦ أدرﻛـﻪ وأﺧـﺬ ﻋﻨـﻪ ﻓﻘـﺪ أﺣـﺎل ﰲ ﻣﻨﻈﻮﻣﺘـﻪ اﳌـﺸﻬﻮرة ﺑــﲔ اﻟﻨــﺎس واﳌﻌﺮوﻓــﺔ ﺑــ «مطهرة القلوب» إﱃ ﻫــﺬا اﻟﻜﺘــﺎب وأﺣــﺴﻦ اﻟﻌــﺰو إﻟﻴــﻪ ﻣــﴫﺣﺎ ﺑﻌﻨﻮاﻧﻪ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮل ﰲ ﻫﺬا اﳌﻌﻨﻰ:
والبغي قال فيه فتح الحق ⚫ إذاية الخلق بغير حق
ﻓﻬــﺬا اﻟﻌــﺰو اﻟــﴫﻳﺢ ﻣﺘﻘــﺪم ﻋــﲆ اﻟﻌــﺰو اﻟــﺬي وردت ﻓﻴــﻪ ﺗــﺴﻤﻴﺔ اﻟﻜﺘــﺎب ﺑﺎﺳــﻢ «لا يجوز» ﻣـﻦ ﻗﺒـﻞ اﻟﻌﻼﻣـﺔ اﻟﻠﻐـﻮي أﲪـﺪ ﺑـﻦ اﳉﻤـﺪ اﻟﻴـﺪاﱄ{ت 1353} ﺑـﲈ ﻳﺮﺑـﻮ ﻋـﲆ رﺑـﻊ ﻗﺮن ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن ﻛــﲈ ورد اﻟﻌــﺰو ﳍــﺬا اﻟﻜﺘــﺎب ﺑﻌﻨــﻮان: •فتح الحق• اﳌﺘﻘــﺪم ﻧﻔــﺴﻪ ﺿــﻤﻦ أﺑﻴــﺎت ﻷﺣــﺪ اﻟﻌﻠـــﲈء اﳌﻮرﻳﺘـــﺎﻧﻴﲔ ﺑـــﲔ ﺧﻼﳍـــﺎ ﺣﻜـــﻢ ﻣـــﺲ اﻷﺟﻨﺒﻴـــﺔ اﳌﺘﺠﺎﻟـــﺔ ﳏـــﺴﻨﺎ اﻟﻌـــﺰو إﱃ اﻟﻜﺘـــﺎب ﻣﴫﺣﺎ ﺑﻌﻨﻮاﻧﻪ ﻳﻘﻮل:
بحائل و دون شهوة و ضم 🔵 جواز مس الاجنبية علم
أفاد ذا الحكم ابن متالي الأبر 🔵 أول "فتح الحق" و هو معتبر
وأﻛﺜــــﺮ ﻣــــﻦ ذﻟــــﻚ ﻧﻘــــﻒ ﻋــــﲆ ﺑﻴﺘــــﲔ ﰲ ﻫــــﺬا اﳌﻮﺿــــﻮع ﻧﻔــــﺴﻪ ﻟﻠﻌﻼﻣــــﺔ ﳏﻤــــﺪ ﺳــــﺎﱂ ﺑــــﻦ اﳌﺤﺒﻮﰊ اﻟﻴﺪاﱄ{ت 1412} ﻣﻮﺟﻬﺎ ﲠﲈ ﻛﻼم اﺑـﻦ ﻣﺘـﺎﱄ ﰲ ﻫـﺬه اﳌـﺴﺄﻟﺔ وﻣﻨﺒﻬـﺎ إﱃ أن ﻣﺲ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻻ ﳚﻮز وﻟﻮ ﺑﺎﻟﴩوط اﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ﰲ اﻟﺒﻴﺘـﲔ اﻟـﺴﺎﺑﻘﲔ (وجود الحائل وغياب الشهوة و الريبة و انتفاء الضم) إﻻ ﺑﺎﻟﻨـــﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺘﺠﺎﻟـــﺔ اﻟﺘـــﻲ ﻻ أرب ﻟﻠﺮﺟـــﺎل ﻓﻴﻬـــﺎ, وﻗـــﺪ ﴏح ﻫﻮ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻜﺘﺎب ﳏﺪدا ﻋﻨﻮاﻧﻪ ﺑﻔﺘﺢ اﳊﻖ, ﻳﻘﻮل:
فإن تقل قد نقل المتالي 🔵 في "فتح حقه" الكلام التالي
قلت لعله أراد بالتي 🔵 من النسا لديهم تجلت
وﺑﺎﳉﻤﻠــﺔ ﻓــﺈن ﻫــﺬا اﻟﺘﺤﻘﻴــﻖ ﺑــﺎﻟﻎ اﻷﳘﻴــﺔ, ﻓﻘــﺪ أﺧــﺮج ﻫــﺬا اﻟﻜﺘــﺎب ﻣــﻦ أروﻗــﺔ اﳋــﻂ وﺗـــﺼﺤﻴﻒ اﻟﻨـــﺴﺎخ إﱃ ﻧـــﻮر اﻟﻄﺒﺎﻋـــﺔ وﺗـــﺼﺤﻴﺢ اﳌﺤﻘﻘـــﲔ, ﻓﺠـــﺎء ﺳـــﻬﻞ اﳌﻄﺎﻟﻌـــﺔ ﻣﻴـــﴪا ﻟﻠﻘـــﺮاء ﳐـــﺮج اﻵﻳـــﺎت واﻷﺣﺎدﻳـــﺚ واﻷﺷـــﻌﺎر, ﻋـــﱪ أﺳـــﻠﻮب ﺑـــﺪﻳﻊ, ﺗـــﻢ ﻓﻴـــﻪ ﺗﻘﻴﻴـــﺪ اﳌﻄﻠـــﻖ وﴍح اﻟﺼﻌﺐ واﻟﻐﺎﻣﺾ وﺗﺼﺤﻴﺢ اﳌﺼﺤﻒ واﳌﺤﺮف.
وﰲ اﻷﺧــﲑ ﻧــﺴﺄل ﷲ ﻟﻨــﺎ وﻟــﺼﺎﺣﺒﻪ اﻟﻌﺎﻓﻴــﺔ واﻟﺘﻮﻓﻴــﻖ ﰲ اﻟــﺪارﻳﻦ وﻏﻔــﺮان اﻟــﺬﻧﻮب وﺿﻴﺎء اﻟﺒﺼﲑة وﻧﻘﺎء اﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ ﻛﻞ وﺳﺦ ورﻳﻦ, لا إله إلا أنت ﺳـﺒﺤﺎﻧﻚ إني ﻛﻨـﺖ ﻣـﻦ اﻟﻈﺎﳌﲔ, وﺣﺴﺒﻨﺎ ﷲ وﻧﻌﻢ اﻟﻮﻛﻴﻞ
ﻋــــﺸﻴﺔ اﻟﻴــــﻮم اﻟﺜــــﺎني ﻋــــﴩ ﻣــــﻦ رﺑﻴــــﻊ اﻷول ﻣــــﻦ ﻋــــﺎم1424 ﻣــــﻦ ﻫﺠــــﺮة ﺳــــﻴﺪ اﳋﻠــــﻖ ورﺳﻮل اﳊﻖ ﳏﻤﺪ صلى الله عليه وسلم ﺻﻼة ﺗﺪوم ﺑﺪوام اﻷﺑﺪ وﺗﺘﻜﺮر ﺑﻌﺪد اﳊﴡ واﻟﻠﺤﻆ واﻟﻨﻔﺲ.
بقلم الأستاذ محمذن بن أحمد بن المحبوب
إرسال تعليق