القصة الكاملة لرحلة الشريف أبو بزوله



نقلا عن كتاب:"الأشراف القلاقمة الأدارسة في موريتانيا " للأستاذ الدكتور: أحمد ولد حبيب الله، ص: 44 - 47.


المحلق 2: قصة الجد السادس رحلة الشريف أبي بزولة إلى موريتانيا



بــــسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

وبعد، فهذه رواية(•) عن رحلة جدنا الشريف محمد (أبو بَزُّولَ علما) من الجزيرة العربية وكيفية وصوله إلى بلاد شنقيط، حيث كانت تعرف آنذاك وحيث استقر وخَلَّفَ عَقِبًا متفرقا في البلاد الموريتانية اليوم.!!
وقد أخذت هذه الرواية عن السيد محمدٍ السالك بن أحمدُّ بن محمذٍ بن أحمدْ بن عُبَيْدْ بن محمذٍ بن حبيب بن أعمر بن يحيى بن إبراهيم (أبْجَ) بن ييج بن فودي بن أبي بزول بن إبراهيم ... إلخ وقد حفظها في صغره عن أسلافه دون أن يذكر سندها.

بداية الرحلة:


في فترة من فترات اشتداد حملات العباسيين على الشرفاء من أبناء الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء (قد يكون خلال القرن السادس هـ) كان في منطقة الجزيرة العربية (وربما في الحجاز) شريف من هذه الأسرة المطاردة اسمه إبراهيم وكان متبحرا في العلوم الظاهرة والباطنية ـ فاضلا ووليا ـ وعلم أن هناك محاولات جادة للتخلص منه، فَهَمَّه ذلك الأمر حتى رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ في المنام أو يقظة لم يذكر شيئا ـ، فأشار إليه بالتوجه نحو الغرب.!!

المحطة الأولى: بعد هذه الرؤيا قرر السفر في أسرع وقت ممكن نحو اتجاه الغرب وصحب معه ابنا صغيرا له اسمه محمد ـ بو بزول ـ وغلاما له وفرسا.
وقد استقر في بلاد لم تُعَرِّفْها الرواية، ربما ما يعرف اليوم ببلاد السودان (الغربي، مالي) لأنها مجاورة لنيجريا (النيجر) المحطة اللاحقة.

ولما استقر في المحطة الأولى علم أن أعداءه، لاشك، يطاردونه، فوضع جدولا عنده كان عندما يتقابل مع الشمس يَعْرِفُ من خلاله ما يدبر له فعرف أن هناك جيشا يتعقبه؛ فوضع جدولا آخر؛ لإبادة ذلك الجيش وتكررت العملية مرارا، فلما علم الأعداء أنهم لن ينالوا منه بهذه الطريقة قرروا المكيدة له، وذلك بأن يبعثوا إليه شابا نجيبا منهم؛ ليطلب العلم عليه في ظاهر الأمر ثم زودوه بِسُّمٍّ في طِيبٍ، وطلبوا من الفتى أن يقدم على الشريف إبراهيم ويظهر له الخضوع التام حتى يتبحر عليه في العلوم الظاهرة والعلوم الباطنية. ومنها: علم الاختفاء ثم بعد ذلك عند تخرجه يُقَدِّمُ إلى إبراهيم الطيبَ المَسْمُومَ هَديةً، بعد أن يتأكد أنه شَمَّهُ، يدخل في الخفاء بعلمه الباطني الذي تعلمه.!!
وكوشف لإبراهيم: بهذه المكيدة، فطلب غلامَه وأخبره أن هناك أمرا مدبرا سيكون فيه قتلى، ولا يستطيع أن يدفعه عن نفسه ـ لا يمكن أن يرد طالب علم فحرر الغلام وطلب منه العناية بالولد محمد ولم يخبره بأكثر من ذلك.!!
وقد تمت المكيدة كماه هو مدبر، وبعد أن تبحر الشاب في العلوم الظاهرية والباطنية خلال ثلاث سنوات أهدى لشيخه الطيبَ المسمومَ واختفى. ولما شَمَّ إبراهيم الطيب أغمي عليه، في الحال، فلما أفاق طلب مولاه وقص عليه تفاصيل المسألة وطلب منه أن يدفنه في المكان الذي اختاره وأن يأخذ ولده محمد (بو بزوله) والفرس وينطلق باتجاه الغرب إلى أبعد نقطة ممكنة.
المحطة الثانية: نفذ المولى وصية إبراهيم، فدفنه حيث طلب وسافر باتجاه الغرب حتى وصل إلى نيجريا وسكن في قبائل الهوصا، وبعد فترة من الزمن توفي خلالها المولى وتزوج محمد فتاة من الهوصا وولدت له ولدا سموه فُودِيَ، الفاضل أو الأبيض بلغة الهوصا. فلما كان عمر الصبي بين أسبوعين أو ثلاثة علم محمد أن هناك من يتعقبه لقتله فأخبر زوجته، بأنه قرر الانتقال وطلقها وأخذ ولده، وانطلق مسرعا باتجاه الغرب.

حكاية الثدي:
بعد فترة من السفر بكى الصبي يريد الغذاء، فناوله أبوه محمد ثديه اليسرى، فرضع منها حتى ارتوى وصار يرضعه بها فتدر لبنا حتى يرتوي. وذلك حتى استغنى عن الرضاعة. يذكر أن جميع من ينتمي لهذا الشريف ـ بو بزوله ـ عندما يحلب ثديه اليسرى، فإنها تحلب لبنا عن التجربة غالبا أما ثديه اليمنى؛ فكانت سلاحه ضد أعدائه ـ تحلب الدم عندما يغضب.!!

المحطة الثالثة: بعد رحلة شاقة، لم تذكر الرواية تفاصيلها ولا مدتها، وصل محمد ـ بو بزولَ ـ وابنه فُودِي إلى قرية شنقيط وسكنَا خارجها وصار محمد يتزود بالماء من الآبار والعيون الموجودة في حدائق النخل شنقيط. وقد أعجبه ماء عين حديقة منعزلة تملكها امرأة، فقرر أن يستأذن تلك المرأة على التزود بالماء من عينها تلك، ففعل وكان قبل ذلك لا يخالط أحدا.!!
وقد اشتهر أمره؛ لأن أهل القرية صاروا يعرفون مكانه وذلك بانبعاث عمود من النور منه في الليل. وقد كانت المرأة التي اتصل بها علوية، وكانت قد تزوجت وأنجبت ولدا مات أبوه وأصيب الابن بالصرع، وقد يئست من شفائه وكانت هي وولدها أثرياء جدا ـ نخيل ـ عبيد ـ نعاج ... إلخ فلما علمت خالة لها أنه اتصل بها اقترحت عليها أن تقابله وتطلب منه علاج ابنها، لعل الله يشفيه على يديه.!!
وكان محمد لا يتزود بالماء إلا في أوقات متأخرة من الليل، فترصدته المرأة حتى قابلته وأخبرته بأمرها وأخبرته بأنه عندما يشفى ولدها على يديه، فإنها ستعطيه كل ما يطلب.!!
وبعد تردد قال: إنه سيفعل ذلك إذا أعطته نفسها وكل ما تملك هي وولدها من المال ـ ربما هذا الشرط للتعجيز والتهرب ـ فقبلت المرأة الشرط، بدون تردد: طلب منها أن تقوم بكتابة ذلك عند القاضي وبعد ذلك تبني للمريض خباء منعزلا وتتركه فيه ضحوة اليوم الموالي وتترك ثوبا عند الخباء لولدها.
ولما كان الموعد المحدد توضأ هو ـ محمد وصلى ركعتين باتجاه الخباء، غربه حتى يكون أمامه وأخذ يتضرع إلى الله حتى يُشْفَى المريض. فما كان من الأخير إلا أن وَثَبَ كالمنطلق من عقال واحتضن الشريف محمد، فبادرت أمه بإلغاء الثوب عليه صحيحا كأن لم يمرض قبل ذلك.!!
وقد انتقل الجميع إلى بيت المرأة التي صارت زوجته وصار ولدها ربيبه!! ولما أخذ الأموال قَسَّمَها بين المرأة وولدها وابنه فودي الذي كان تركه في الخلاء جاء به؛ ليسكن معهم بعد أن أعطاه حصته من الأموال.!!
بعد فترة وجيزة حملت المرأة وأنجبت شمس الدين وبعد ذلك بفترة غير محددة ذهب محمد ـ ببزوله ـ وترك ابنه فودي مع شمس الدين وترك لهما ما يفيض عن حاجتهما من الأموال والموالي واعتناء الناس بهما، واتجه هو جنوبا حتى وصل إلى حي من تشمش ـ ربما يكون من أهل بَارِكَلَّ ـ فتزوج فيهم وولد له جد أهل الفغ حَيْبَلَ، ثم ذهب عنهم وواصل نحو الجنوب حتى وصل أرض إدابلحسن، فتزوج فيهم وولد له جد الشقرويين، ثم بعد ذلك ذهب وسكن في حي من الوُلْف وتزوج فيهم، فولد له جد فالات الذين استقروا في تگماطين.!!
لما شب شمس الدين بن محمد ببزول ـ بحث هو وأخوه فودي في أمر أبيهما ببزول، وقررا الذهاب للبحث عنه، فأخذا أموالا وذهبا ينشدانه فعثرا عليه في مكان ما من القبلة ـ لا يُعرف هل هو عند الولف عند زوجته الأخيرة أم عند أناس آخرين ذلك أن هناك عائلات لا تنتمي إلى أولاده المذكورين، آنفا، وينتسبون إليه. ووجداه قد كبر وشاخ، فمكثا معه مدة رجع بعد ها شمس الدين إلى شنقيط وبقي معه فودي حتى مات ودفنه في محل يقال: إنه "وِرِيرْ( )".!!
أما ما فعل فودي بعد ذلك؛ فلم تذكر الرواية شيئا عنه سوى أنه تحالف مع تندغ حوالي 700هـ وسكن فيهم، وذكر الراوي أنه وجد عند أستاذ من أهل اتفغ حَيْبَلَّ اسمه أحمد سالم ولد بزيد ما يؤيد ذلك التاريخ والله تعالى أعلم.!!



كتبه محمدٍ بن أحمد سالم بن محمدُّ بن أحمدُّ بن سيدي أحمد بن اليعقوبي بن ميلود بن محنض بن أعمر بن يحيى بن إبراهبم (أبْجَ) بن ييج بن فودي.
عند يُجَمَّ الثلاثاء 17/10/1995م، 22 جمادى الأولى 1416هـ.

اكتب تعليقاً

أحدث أقدم